کد مطلب:355665 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:374

الارادة التکوینیة والجبر


ویبقی سؤال: إذا كانت الارادة هذه تكوینیّة، فمعنی ذلك أن نلتزم بالجبر، وهذا لا یتناسب مع ما تذهب إلیه الامامیّة من أنّه لا



[ صفحه 29]



جبر ولا تفویض بل أمر بین الامرین، هذه الشبهة موجودة فی الكتب، وممّن تعرّض لها ابن تیمیّة فی منهاج السنّة.

وقد أجاب علماؤنا عن هذه الشبهة فی كتبهم بما ملخصه:

إنّ الله سبحانه وتعالی لمّا علم أنّ هؤلاء لا یفعلون إلاّ ما یؤمرون، ولیست أفعالهم إلاّ مطابقةً للتشریعات الالهیّة من الافعال والتروك، وبعبارة أُخری: جمیع أفعالهم وتروكهم تكون مجسّدة للتشریعات الالهیّة، جمیع ما یفعلون ویتركون لیس إلاّ ما یحبّه الله سبحانه وتعالی أو یبغضه ویكرهه سبحانه وتعالی، فلمّا علم سبحانه وتعالی منهم هذا المعنی لوجود تلك الحالات المعنویّة فی ذواتهم المطهّرة، تلك الحالة المانعة من الاقتحام فی الذنوب والمعاصی، جاز له سبحانه وتعالی أن ینسب إلی نفسه إرادة إذهاب الرجس عنهم.

وهذا جواب علمیّ یعرفه أهله ویلتفت إلیه من له مقدار من المعرفة فی مثل هذه العلوم، والبحث لغموضه لا یمكن أن نتكلّم حوله بعبارات مبسّطة أكثر ممّا ذكرته لكم، لانّها اصطلاحات علمیّة، ولابدّ وأن یكون السامعون علی معرفة ما بتلك المصطلحات العلمیّة الخاصّة.

وعلی كلّ حال لا یبقی شیء فی الاستدلال، إلاّ هذه الشبهة،



[ صفحه 30]



وهذه الشبهة قد أجاب عنها علماؤنا، وبإمكانكم المراجعة إلی الكتب المعنیّة فی هذا البحث بالخصوص، حتّی فی كتب علم الاصول أیضاً.

أتذكّر أنّ بعضهم یتعرض لمبحث آیة التطهیر بمناسبة حجیّة سنّة الائمّة، حجیّة سنّة أهل البیت، ومنهم العلاّمة الكبیر السیّد محمّد تقی الحكیم فی كتابه الاُصول العامّة للفقه المقارن، هناك یطرح مبحث آیة التطهیر، ویذكر هذه الشبهة ویجیب عنها بما ذكرت لكم بعبارة مبسّطة بقدر الامكان، وهناك أیضاً موارد أُخری یتعرّضون فیها لهذه الشبهة وللاجابة عنها.

وحینئذ، إذا كان المراد من أهل البیت خصوص النبی والاربعة الاطهار، وإذا كان المراد من إذهاب الرجس إذهاب الذنوب، والارادة هذه إرادة تكوینیّة لا تتخلّف، فلا محالة ستكون الایة المباركة دالّة علی عصمة الخمسة الاطهار فقط.

ومن یدّعی العصمة لزوجات النبی؟ ومن یتوهّم العصمة فی حقّ الازواج، لاسیّما التی خالفت قوله تعالی: (وَقَرْنَ فِی بُیُوتِكُنَّ) [1] ، الایة المباركة الواردة فی نفس السورة، والتی



[ صفحه 31]



تكون آیة التطهیر فی سیاق تلك الایة، وهل یكفی أن یقال بأنّها ندمت عمّا فعلت وكانت تبكی، فخروجها علی إمام زمانها أمر ثابت بالضرورة، وبكاؤها وتوبتها أمر یروونه هم، ولنا أن لا نصدّقهم، ومتی كانت الروایة معارضة للدرایة؟ ومتی أمكننا رفع الید عن الدرایة بالروایة؟ وكیف یدّعی أن تكون تلك المرأة من جملة من أراده الله سبحانه وتعالی فی آیة التطهیر.

نعم، یقول به مثل عكرمة الخارجی العدو لامیر المؤمنین بل للنبی وللاسلام.



[ صفحه 32]




[1] سورة الاحزاب: 33.